تعتبر منطقة سوس وتيزنيت بالخصوص، من المناطق التي تجود موائدها بالعديد من المأكولات والوجبات المتنوعة، فكلما تغيرت الفصول من فصل الى اخر إلا وتجد أصنافا من الأطعمة يتم إعدادها بشكل دوري أو بحسب المناسبات والافراح، فلكل مناسبة طقوسها وعاداتها الخاصة.
إن هذا التنوع في المطبخ السوسي يعطيه خصوصية وبصمة خاصة عن باقي مناطق المغرب، بل تجدها من الوجبات المحبوبة لدى الكثير من زوار المنطقة بداخل المغرب وخارجه، والتي تجد في غالبيتها ذات أصل نباتي ومرتبطة بالأرض والفلاحة بالدرجة الأولى، فنجد الشعير وزيت الزيتون والأركان وبعض الأعشاب التي تزخر بها جبال وسهول المنطقة، من قبيل نبتة الزعتر “أزوكني”، وبعض التوابل المحلية، التي تبقى من المكونات المهمة في المطبخ السوسي.
ومن الاكلات المشهورة بالمطبخ الامازيغي نجد العصيدة “تاكلا” التي يتم إعدادها بواسطة دقيق الشعير أو دقيق الذرة المفتت “أسنكار” التي يضاف إليها القليل من الزيت والملح، ومزج الخليط بقدر ملئ بالماء ويحرك باستمرار الى أن يتماسك الخليط ويصير مزيجا رخوا، فيوضع في إناء مصنوع من الفخار وتتوسطه حفرة في الوسط مملوءة بالعسل وزيت الأركان او زيت الزيتون او السمن المذاب، وهناك من يزينها بأنواع وأشكال من الحلوى، ويحشو بداخلها نواة الثمر “أغرمي” ومن حالفه الحظ في العثور عليه سيكون فأل خير له ، أما أكلة “اركيمن” فهي الأخرى من الأكلات المعروفة في الأوساط السوسية والغنية بمجموعة من القطاني والحبوب وكل ما تنبت من الأرض والتي ترمز الى سنة فلاحية جديدة، حيث يتم وضعها وطبخها على نار هادئة حثى تمتزج وتصير خليطا مركبا غنيا بالسعرات الحرارية، الى جانب العديد من الاطباق والاكلات الأخرى من قبيل “بركوكس” الذي يحضر في المناسبات والافراح، وهو على عكس الكسكس حيث تكون حباته كبيرة ولا يسقى بالخضر واللحم، بل يحضر لوحده وفي التقديم يقدم مع العسل أو أملو المصنوع من اللوز المطحون وزيت الأركان والعسل.
أما “الطاجين” بالخضر ولحم الماعز أو الدجاج البلدي و”تلخشا” و”الكسكس” بأنواعه “سميد القمح الصلب” و”الخماسي”…، أو “أبداز” وهو الاخر نوع من أنواع الكسكس المحضر من دقيق الذرة، مرفقا بالخضار كالجزر والكوسا واللفت والطماطم والباذنجان والكرعة وغيرها من الخضر، فيبقون من الوجبات والاكلات اليومية والتي تقدم هي الأخرى للضيوف وفي المناسبات، حيث ذاع صيتها بداخل وخارج المغرب ، وأصبح المطبخ العالمي والمسابقات في الطبخ يستهويها ويلهمها المطبخ السوسي الامازيغي الذي يزخر بالكثير من الاكلات والأسرار.
إن ساكنة سوس وتيزنيت بالخصوص لازالت من المناطق بالمغرب التي حافظت ولازالت تحافظ على الكثير من الاكلات الشعبية التي أصبحت تندثر وتختفي مع مرور الوقت في العديد من المناطق، الشيء الذي استوعبه والتقطه المنظمون والمشرفون في بعض التظاهرات والمسابقات، فتيفلوين بمدينة تيزنيت تعتبر من التظاهرات المهمة جدا، والتي تحاول تقريب جيل اليوم بتقاليده وتاريخه، ولعل الأنشطة المبرمجة حول المطبخ الشعبي التقليدي، لمثال حي عن هذا التقارب، الشيء الذي سيشجع هذا الجيل على التمسك بعادات الأجداد، ويحاول الحافظ عليها وتصديرها الى الأجيال القادمة، وبهذه التظاهرات والأنشطة، بلا شك سنستطيع إنقاذ وإحياء الكثير من العادات والتقاليد التي طالها النسيان وسائرة في طريق الانقراض والاندثار.